الأسس الحقيقية للترقيات في القطاع العسكري، وكيف يمكن للكفاءة والخبرة أن تتفوق على الشهادات الأكاديمية ، في نظام يقدّر الجدارة على الشهادات.
في عالم الترقيات العسكرية، غالبًا ما تُعتبر الرتبة رمزًا للمكانة والسلطة. لكن، هل يجب أن تكون الرتبة هي العامل الأساسي في تحديد قيمة الضابط؟
الرتبة العسكرية، بحد ذاتها، ليست سوى شارة مطرزة على قطعة قماش، لا تحمل قيمة إلا إذا كانت مدعومة بالأخلاق، الثقافة، والخبرة في مجال التخصص. الكفاءة، الجدارة في القيادة، وتحمل المسؤولية هي الأسس التي تُبنى عليها قيمة الرتبة الحقيقية. فأنت، بجهودك ومهاراتك، من تصنع للرتبة مقامًا، وليست الرتبة من تصنع لك مقامًا.
السعي للحصول على رتبة أعلى هو جزء من طموحنا الشخصي والمهني، وهو حق مشروع لكل فرد. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين". هذه الآية تحثنا على السعي للتحسين والتطور المستمر، ولكن دون إحداث فساد أو ظلم.
في وزارة الداخلية، يُفترض أن تعتمد الترقيات لغير خريجي الكليات والجامعات على معايير الخبرة، الأهلية، والكفاءة. ولكن يبدو ان المعيار المتبع هو :
إذا كنت تمتلك الخبرة والمهارات، ولديك الوعي الكافي، فأنت لا تحتاج لرتبة لإثبات جدارتك. أما إذا كنت تفتقر إلى هذه المقومات، فقد تُعتبر الرتبة وسيلة لسد النقص ، والواقع يُظهر أن الترقيات تتم وفق هذا المعيار وعلى هذه القاعدة.
المعيار الذي يتبعه المسؤولون عن الترقيات يجب أن يكون واضحاً وعادلاً، يعتمد على الخبرة والأهلية والكفاءة، وليس فقط على الشهادات الأكاديمية. فالجندي المجهول الذي يعمل بجد وتفانٍ في الميدان، يستحق التقدير والترقية بناءً على ما يمتلكه من مهارات وقدرات، وليس بناءً على الشهادات التي يحملها.
في المقابل، هناك من يحملون رتباً عليا وشهادات أكاديمية لكنهم يفتقرون إلى الكفاءة اللازمة لأداء مهامهم بشكل مهني. لذا، يجب أن تكون الرتبة تكريماً للمهارة والخبرة وليست مجرد زينة.
في ظل هذه الظروف، يُصبح من الضروري إعادة النظر في معايير الترقيات العسكرية. يجب أن تكون العملية شفافة وعادلة، تُقدّر الجهود والتضحيات التي يقدمها الجنود في سبيل الوطن. يجب أن تكون الترقيات مبنية على الأداء والإنجازات، وليس فقط على الشهادات الأكاديمية.
إن الحاجة إلى تغيير نظام الترقيات ليس فقط من أجل العدالة، بل أيضًا لضمان أن يكون لدينا قادة عسكريون قادرون على مواجهة التحديات المعاصرة بكفاءة وفعالية. يجب أن يكون لديهم القدرة على التكيف مع التغيرات السريعة والتطورات التكنولوجية، وأن يكونوا قادرين على قيادة فرقهم بحكمة ورؤية واضحة.
في النهاية، الرتبة العسكرية يجب أن تكون انعكاساً للقيم والمهارات التي يحملها الفرد، وليست مجرد شارة تُمنح بناءً على المؤهلات الأكاديمية فقط. فالشهادة تثبت انك خريج، لكن الكفاءة والخبرة هما ما يثبتان القدرة على القيادة والتميز في الميدان.