JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

ريموت كنترول قصة جميلة من الأدب اليمني





































































































































قصة للكاتب-محمد عكف عوض مبارك-يناير-2021-زنجبار



















آهـٍ جدي.. يكررها سعيد في سره.. مخافة ان يسمعه والده.. فتنزل عليه عقوبة تاباها نفسه ويعافها كبريائه، وهو في غنى عنها.. بعد ان صار شاباً ذو مكانة بين أقرانه.


في منزلهم الطيني التقليدي والذي بالكاد بناه والده ..ذو الغرفتين العتيقتين والحوش المفتوح على السماء، والمحتضن لزريبة الأغنام في أطرافه ..ووضع الحمّام في الركن الأيمن، وبجانبه المطبخ المفتوح يتوسطه (المكريب)وفي الركن (موفا) مدفون تظهر أطراف حوافه الدائرية.


كما خصصت غرفة للمعيشة والاستقبال ونوم الصبية، وفيها تلفاز حديث مع ،الرسيفر، وضع للجدار.


بينما الغرفة الأخرى لوالد سعيد وأم سعيد وطفلين صغار لم يبلغوا الحلم بعد.


يتكوم سعيد وأخوته الثلاثة، وكرائمه الاثنتين، في غرفة المعيشة.


عشاءً في السمر .. يتحدث سعيد مع بعض أصدقائه :


جدَّي قد بلغ من العمر عتياً. قضى حياته في الريف يعمل في رعي الأغنام وزراعة الحقل.


زارنا جدي ذات نهار. بعد أن هده التعب. لكي يأخذه والدي للطبيب .


أقر الطبيب الراحة لجدي حتى يتعافى من آلام الظهر. فكان لِزاماً أن يسكن معنا في غرفة المعيشة. ليصبح إجمالي عددنا في الغرفة سبعة!!.


هيأنا لجدي مُتكئاً ومجلساً معاً قبالة التلفاز.. وكأن جدي لأول مرة يرى فيها،، ساتلايت،،.. فكنت أجلس بجانبه ويراني أقلب القنوات بالريموت كونترول.. فأصيب بالذهول والاندهاش!!.. فعلمت إنه يريد ما بأيدي من تحفة عجيبة مدبَّجة بالرموز والأرقام !!.


أمسك بالريموت وهو يسألني:[ ،،هذا أيش؟.. وهذا ليش؟ وكيف كذا ؟وكيف؟ وكيف؟،،..... ]وأخذ يقلـَّب القنوات في ذهول.. صعوداً وهبوطاً .وكأنه طفل صغير قد وجد لعبته الضالة!.


صار جدي المتحكم بالريموت.. ولم يتركه من بعدها.. فأولع بالتكرار والتدوير لبعض القنوات الرتيبة والمملة.. وتناسى وجودنا معه في نفس المسكن .. فكان يرفع الصوت تارة.. وتارات يخفضه! ويغلقه ..ويفتحه.. ولم نجرؤ ان ننازعه او نخالفه في شيء!.


أدمن جدي على زر التحكم، وصار لا يكاد يفارقه حتى أثناء مداهمة الألم له.. فكان يدسه تحت الوسادة.. حيث كان أيضاً يخفي ماله وما تجود به ايادي الزوار.. مخافة أخذه منه.


فرض جدي علينا روتين جديد ممل .. ولم يبالي بوجودنا ولا باختياراتنا. فصرنا نخفي امتعاضنا عنه وعن والدي.


أحد أصدقاء جدي قبل سفره أراد أن يضع شاشة عرضه في ايادي ،آمنة، لما لها من مكانة خاصة في قلبه ووجدانه.. لذلك أهداها لجدي!.. بدوره جدي وضعها في غرفة المعيشة.


فصارت دهشة جدي أكبر.. وصارت الصورة في عيونه أجمل وأكمل وأكبر وأوضح برغم قصر نظر جدي!.


وتبدل الريموت بآخر أروع ..فطاب المقام لجدي وتناسى أغنامه ومزرعته وقريته وأهلها ومسقط رأسه !..لم يدرك جدي بإن وضعنا أصبح مُتعِب.. وبإننا لم نعد نتنفس ونتحرك ونعيش كما ينبغي!.


لم نستطيع نذاكر.. ولم نستطيع النوم.. ولم نستطيع حتى ان نتحدث بحرية! وكذلك فقدنا أشياء كثيرة!.


مراراً وتكراراً. كنا نطلب منه أن يأتينا بقناة عدن قناتنا المفضلة :


"أقلب قناة عدن يا جدو. هات لنا قناة عدن يا جدو"


.. ولم يعيرنا أي اهتمام وكأنه لا يسمع مناداتنا!!.


بات جدي على حاله حتى في أشد حالات مرضه.. وارتعاشه أوصاله.. وهذيانه.. فلم يزده ذلك إلا عناداً ومكابرة!.


ولايزال جدي ممسكاً بالريموت كونترول ومولعاً. بنفس القنوات الهابطة.. وبنفس الوجوه الماسخة !.






















































ريموت كنترول قصة جميلة من الأدب اليمني

خبير مسرح الجريمة

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    الاسمبريد إلكترونيرسالة