“الاصطدام والانحراف:تحليل الجروح النارية“
استكشاف عميق للتأثيرات الناتجة عن المقاذيف التي تغير مسارها بعد الاصطدام أو اختراق أجسام أخرى قبل إصابة الضحية، مع تحليل دقيق لأنواع المقاذيف غير المباشرة وتأثيرها على الضحايا.
“مسارات الإطلاق غير مباشر : تصنيف المقاذيف وتأثيرها”
في الأدلة الجنائية والطب الشرعي والتحقيقات الجنائية، يُعد فهم ديناميكيات المقاذيف أمرا هاما لتحليل مسرح الجريمة وتحديد طبيعة الإصابات ، يُشير مصطلح “إطلاق النار غير المباشر” إلى الحالات التي يتعرض فيها المقذوف للتغيير في مساره أو شكله نتيجة الاصطدام بجسم آخر قبل اختراق جسم الضحية. هذا التغيير يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مختلفة على الجرح الناتج ويعقد من عملية التحليل، ويمكن تقسيم وتصنيف المقاذيف التي تخترق الجسم بشكل غير مباشر حسب الاختراق أو الاصطدام بجسم آخر قبل جسم الضحية إلى أربعة أنواع هي :
- المقذوف الانعكاسي الرأسي
- المقذوف الانحرافي المائل .
- المقذوف الارتدادي الحر .
- المقذوف الاختراقي .
نوضحها بالتفصيل على النحو التالي :
المقذوف الانعكاسي الرأسي:
وهو المقذوف الذي يصطدم رأسيا بجسم شديد الصلابة مما يتسبب بحدوث انعكاس واستدارة للمقذوف كليا (عكس مسار الإطلاق) من الجسم الصلب نحو جسم الضحية.
يتميز هذا النوع بالاصطدام الرأسي للمقذوف بجسم صلب، مما يؤدي إلى انعكاس كامل لمساره وتغيير في شكله ، وينتج عن الاصطدام تغير في شكل المقذوف مع بقاء مكونات المقذوف كاملة مع تكون فتحة في مقدمة المقذوف وظهور بروز وحواف لغلاف المقذوف الخارجي مع انكماش في مقدمة السهم النحاسي الداخلي واحياناً ينتج عن الاصطدام انشطار للمقذوف إلى جزئيين منفصلين كليا عن بعضهما هما : الغلاف المعدني الخارجي والسهم النحاسي الداخلي (القلب) مع ظهور بروز وحواف حادة للغلاف واحياناً يحدث تشظي للغلاف الخارجي وتطاير أجزاء منه على شكل شظايا معدنية صغيرة. ولا يؤخذ شكل الجرح الناري الشكل الطبيعي والمعتاد للمقذوف المباشر وإنما يؤخذ شكل المقذوف الانعكاسي حسب زاوية الدخول (أحيانا يحدث للمقذوف استدارة أخرى في الهواء وقبل اختراق جسم الضحية ويخترق جسم الضحية بأحد جانبيه افقيا) وفي الأغلب يمكن أن ينتج عن هذا الاصطدام جرح ناري غير منتظم الشكل مع تشرذم الحواف ، وقد يكون مصحوباً بجروح ثانوية ناتجة عن شظايا المقذوف ، وابعاد الجرح تكون أكبر من المعتاد والطبيعي في الجروح النارية الناتجة عن الدخول المباشر والرأسي ، مع وجود جروح ثانوية حول الجرح الرئيسي أو بالقرب منه قد تكون في الأعلى أو الأسفل منه أو عن اليمين أو عن اليسار ولا يشترط أن تكون على بعد أو مسافة محددة من الجرح الرئيسي ولكن يجب أن تكون الجروح الثانوية الناتجة عن دخول شظايا متطايرة من نفس المقذوف في نفس الجهة من الجسم الموجود بها جرح الدخول ولا تكون في موقع أو جانب آخر من الجسم والجروح الثانوية الناتجة عن دخول شظايا تكون مصاحبة لجرح الدخول وليس من الطبيعي وجودها حول جرح الخروج .
صورة توضح جرح دخول مقذوف انعكاسي(اصطدم بجسم صلب قبل اختراق جسم الضحية) ثم استدار واخترق الجسم بأحد جانبيه
الجروح النارية التي تنتج عن المقذوف الانعكاسي الغير مباشر والضرر و مدى تأثير الإصابة: يتوقف ذلك على المسافة التي حدث منها إطلاق النار بحيث إذا كان من مسافة قريبة كان الانعكاس أشد وكان الإصابة مؤثرة وينتج عنها جرح دخول وكذلك جرح خروج واذا كان الإطلاق من مسافة بعيدة ينتج عنها جرح دخول فقط مع استقرار المقذوف وعدم نفاذة من الجسم مع جروح ثانوية ناتجة عن دخول شظايا وبالنسبة لتأثير الإصابة يتوقف على موقعها في الجسم قد تكون قاتله أو غير قاتلة سواء كانت من مسافة بعيدة أو قريبة فأحيانا تحدث من مسافة بعيدة ولكنها تستقر في القلب أو الرأس وتكون قاتلة ، وفي أحياناً أخرى تحدث من مسافة قريبة وينتج عنها جرح دخول وخروج ولكنها ليست قاتلة.
المقذوف الانحرافي المائل:
وهو المقذوف الذي يتعرض للاصطدام بجسم آخر بشكل افقي ملامس بأحد جانبيه وليس رأسيا قد يكون هذا الجسم صلب أو شديد الصلابة مما يؤدي إلى احداث تغير جزئي وليس كلي في شكل المقذوف ومساره وانحرافه نحو جسم الضحية ويحدث تغير جزئي في المقذوف مع بقاء المكونات ، وتتكون فتحة في مقدمة المقذوف وبروز لحواف غلاف المقذوف الخارجي ولا يحدث انقسام للمقذوف إلى قسمين ، ويبقى كتلة واحدة مع تغير في الشكل والمسار ، وينتج عن اصطدام المقذوف الانحرافي تطاير شظايا من الجسم الذي اصطدم به إذا كان صلب وليس شديد الصلابة جرح دخول رئيسي وجروح ثانوية حول الجرح الرئيسي أو بالقرب منه ويحمل الجرح الرئيسي مواصفات الجرح الناتج عن دخول المقذوف الانعكاسي ويكون هناك اختلاف في الشظايا المتطايرة من حيث العدد والمصدر إذ في الانعكاسي من الجسم شديد الصلابة تطاير شظايا من المقذوف فقط اما في المقذوف الانحرافي المائل يحدث تطاير لشظايا من المقذوف ومن الجسم امع اختلاف في الشظايا المتطايرة من حيث العدد والمصدر ، ويعتمد تأثيره على زاوية الاصطدام وصلابة الجسم الذي اخترقه المقذوف. يمكن أن ينتج عن الاصطدام تغيير في شكل المقذوف، وقد يكون هذا التغيير جزئيًا دون تفكك كامل للمقذوف يمكن أن يكون الجرح الناتج غير منتظم الشكل، وقد يكون مصحوباً بجروح ثانوية ناتجة عن شظايا المقذوف أو الجسم الذي اصطدم به.
صورة توضح جرح دخول مقذوف انحرافي مائل(اصطدم بشكل جانبي بجسم صلب قبل اختراق جسم الضحية) مع دخول شظايا
يُعد تحليل الجرح الناري الناتج عن المقذوف الانحرافي المائل تحدياً للخبراء في الأدلة الجنائية والطب الشرعي، حيث يتطلب فهماً دقيقاً للتأثيرات المحتملة على جسم الضحية. يساهم هذا الفهم في تحديد سبب الإصابة وتقدير القوة والزاوية التي أطلق منها النار. يُعد الفهم العميق لهذه العوامل أساسيا لتحديد مسار الرصاصة وتأثيرها على الضحية، مما يساعد في تقديم صورة واضحة عن الأحداث التي وقعت خلال الحادث.
المقذوف الارتدادي الحر:
وهو المقذوف الذي يؤخذ مساره الطبيعي في الهواء دون أن يصطدم بأي جسم آخر، ثم يسقط بشكل حر ويخترق جسم الضحية.
أهم ما يميزه عدم حدوث تغير في شكل المقذوف ومساره. الجرح الناتج عن هذا النوع من المقاذيف يؤخذ شكله وفقاً لزاوية اختراق المقذوف في جسم الضحية رأسياً أو أفقياً وينتج عنه فتحة جرح دخول فقط كونه يستقر داخل الجسم.
المقذوف الاختراقي:
وهو المقذوف الذي يخترق جسماً آخر قبل أن يصل إلى الضحية. يمكن أن يؤدي هذا إلى تغييرات في شكل المقذوف ومساره قد يكون الجسم صلب أو شديد الصلابة قد يصاحبه تطاير لشظايا من الجسم الذي اخترقه المقذوف إذا كان جسم معدني أو جسم آخر قابل لتطاير الشظايا منه ( الشظايا قد تكون معدنية أو غير معدنية حسب نوع الجسم أحياناً قد تكون بلاستيكية أو حجرية أو غير ذلك) ويتوقف مدى تأثير الإصابة على نوعية الجسم الذي اخترقه المقذوف ومدى صلابته ومسافة الإطلاق حيث إذا كان الجسم الذي اخترقه المقذوف صلب نوع ما ومن مسافة بعيدة يخفف الجسم الذي اخترقه المقذوف من قوة المقذوف وضرره وتكون الإصابة بسيطة وغير قاتلة وينتج عن المقذوف جرح دخول فقط وجروح ثانوية نتيجة دخول الشظايا المتطايرة من الجسم الذي اخترقه المقذوف والتي صاحبت دخول المقذوف ، وبالنسبة للتغير في شكل المقذوف ومساره أحياناً يحدث تغير بسيط في شكل المقذوف بمقدمته قد يكون انكماش أو تشظي حسب نوع وصلابة الجسم الذي اخترقه المقذوف وأحيانا أخرى لا يحدث أي تغير لا في الشكل ولا المسار وبالنسبة لشكل الجرح الناتج عن دخول المقذوف في جسم المجني عليه يؤخذ شكل المقذوف إذا حدث له تغير في مقدمته يؤدي البروز في المقذوف على عدم انتظام حواف الجرح وتشرذمها. وبالنسبة لجرح الدخول والخروج يتوقف ذلك على مسافة الإطلاق إذا كانت بعيدة لا يكون هناك جرح خروج واذا كانت قريبة يخرج المقذوف ويحدث جرح دخول وجرح خروج ، ولا يشترط أن يكون الجسم الصلب الذي اخترقه المقذوف قبل جسم الضحية بعيداً عنها قد يكون موجود على الضحية يضعه حول جسمه يحول بينه وبين مصدر إطلاق النار.
صورة توضح جرح ناتج عن دخول مقذوف اختراقي(اخترق جسم صلب قبل جسم الضحية) مع جروح ثانوية ناتجة عن شظايا
وقد ينتج عنه جروح ثانوية بسبب شظايا الجسم الذي اخترقه المقذوف. يعتمد تأثير الإصابة على صلابة الجسم الذي اخترقه المقذوف ومسافة الإطلاق.
الاستنتاجات والتوصيات:
من خلال فهم الأنواع المختلفة للمقذوفات غير مباشرة وتأثيراتها، يمكن للخبراء في الأدلة الجنائية والطب الشرعي تقديم تحليلات أكثر دقة ومساعدة السلطات القضائية في تحديد الحقائق بشكل أفضل. يُنصح بإجراء المزيد من البحوث والدراسات لتطوير تقنيات تحليل الجروح النارية وتحسين فهم الديناميكيات المعقدة للمقذوفات غير المباشرة.
في النهاية، يجب أن يكون الخبراء على دراية بأنواع علامات المقذوفات المباشرة والغير مباشرة وتأثيراتها لتحقيق دقة أفضل في تحليل الجرح الناري وتقديم الإفادة العلمية المطلوبة في التحقيقات الجنائية.
صورة توضح جرح ناتج عن دخول مقذوف اختراقي(اخترق جسم صلب قبل جسم الضحية) مع جروح ثانوية ناتجة عن شظايا